
الذكاء العاطفي (الجزء الثاني)
الوعي الذاتي
هل تودّ أن تكون فعّالاً أكثر في الصفّ، وتحدّ من الصراع حول السلطة مع التلامذة ذوي الصعوبات التعلّميّة، وتبني علاقة إيجابيّة مع تلامذتك؟ وبمثابتك مربّيًا/مربّية هل تريد أن يخفّ شعورك بالتوتّر؟ إذا كان جوابك نعم فقد أتيت إلى المكان المناسب. يُعدّ الوعي الذاتي عنصرًا أساسيًّا في الذكاء العاطفي إذ يواجه التوتر ويجنّبك الإنهاك.
ما هو الوعي الذاتي؟
لقد وصف دانييل غولمان الوعي الذاتي بأنّه القدرة على إدراك عواطفك وأفكارك، وكيفيّة تأثيرها على السلوك، وبالتالي كيفيّة إجراء تقييم دقيق في ما يتعلّق بنقاط القوّة وأوجه القصور. وهذا الفهم المتزايد الناتج عن الوعي الذاتي هو ذو اتّجاهَين: أُصبح واعيًا تمامًا بكيفيّة تأثيري على سلوك التلميذ وبكيفيّة تأثير سلوك التلميذ عليّ.
من الناحية العمليّة، أن نتمتّع بالذكاء العاطفي والوعي الذاتي يعني أن نُدرك أنّ العواطف تتحكّم بالسلوك وتؤثر في الناس (إيجابيًّا وسلبيًّا)، ويعني أيضًا أن نعرف كيفيّة إدارة تلك العواطف، لا سيّما عندما نكون تحت الضغط. الوعي الذاتي هو مفتاح الذكاء العاطفي بحسب غولمان
لماذا يُعدّ الوعي الذاتي مهمًّا بالنسبة إلى المعلّمين؟
كمعلّمين، لدينا تحت تصرّفنا صفٌّ، ومستلزمات، وموادّ تعليميّة، ومنهاج دراسي، ومجموعة من التجهيزات الأخرى التي تُساعد في إتمام العمل بفاعليّة. إنّنا نخطّط الدروس ونستخدم أفضل الاستراتيجيّات، ولكن كم مرّة ننسى أن نُضفي ذواتنا الفريدة إلى هذه العمليّة؟
ما يحدث لنا من الناحية العاطفيّة هو عاملٌ مهمّ للغاية في تحديد كيف نردّ بفاعليّة على تلامذتنا وسلوكيّاتهم. فــ”بوسع بعض التلامذة أن يستفزّوا أكثر المعلّمين اهتمامًا وتعقّلاً وتفانيًا ويدفعوهم إلى التصرّف بتهوّر ومرارة ورفض” وعندما يختبر التلامذةُ التوتّرَ ويُظهرون سلوكيّات صعبة، يثير ذلك مسائلَ غير محلولة في أنفسنا، وبالتالي يؤثّر على السلوك المهني في الصف.
على سبيل المثال، نشعر كمعلّمين بالحاجة إلى الحفاظ على السيطرة في حالةٍ ما، في حين أنّ التلامذة ذوي السلوكيّات الصعبة يريدون في الوقت نفسه التمسّك بزمام السيطرة. يقود هذا المشهد إلى صراعات غير مثمرة على السلطة. ندين لأنفسنا ولتلامذتنا بأن نعي محفّزاتنا العاطفيّة ونتعلّم أن نقلّل تواتر وشدّة الصراعات على السلطة التي تؤدّي إلى نتائج عكسيّة؛ فإنّ المعلّمين غير الواعين من الناحية العاطفيّة يجدون أنفسهم متوترين وقلقين ومتعبين وعلى الأرجح منهكين، ويمكن للتوتّر هذا أن يؤثّر سلبيًّا على المعلّمين وتلامذتهم وجوّ الصفّ . من أجل الصمود وتحقيق النجاح في الصفّ، على المعلّمين أن يُنشئوا استراتيجيّات فعّالة تتعلّق بالوعي الذاتي ويستخدموها كوسيلة للتعامل مع التوتر وتجنّب الإجهاد.
كيف يمكننا أن نحسّن وعينا الذاتي؟
يقترح أن نأخذ استراحات متكرّرة خلال النهار، أو قبل التفاعلات الإيجابيّة أو السلبيّة مع التلامذة، أو خلالها، أو بعدها. ويقترحان أيضًا أن نطرح على أنفسنا الأسئلة التالية:
- ما الذي دفعني إلى الردّ بهذه الطريقة؟
- هل تقوم ردّة فعلي هذه بتحسين العلاقة أو بإيذائها؟
- هل تساعدني على النموّ كمربٍّ/مربّية؟
- هل تساعد الشباب على اتّخاذ خيارات أفضل؟
- ما هي أكبر نقطة قوّة لديّ في العمل مع التلامذة ذوي السلوكيّات الصعبة؟
- ما هو نوع المشاكل أو سلوكيات التلميذ التي أواجه صعوبة كبيرة في مواجهتها، وكيف يمكنني أن أنمو في هذا المجال؟
بناءً على هذا نسأل: ماذا عنك؟ هل أنت معلّم/معلّمة يريد أن ينمو ويكون ناجحًا في صفّه؟ فكّر/فكّري في تطوير وعيك الذاتي العاطفي.
إِذاً يا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاِسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ يعقوب 1: 19
المراجع باللغة الانكليزية
غولمان، د. (1995). الذكاء العاطفي: لماذا قد يكون أهمّ من نسبة الذكاء؟ منشورات بنتام
ريتشاردسون، ب. غ.، وشوب، م. ج. (2003). أهميّة الوعي الذاتي لدى المعلّم في التعامل مع التلامذة ذوي الاضطرابات العاطفيّة والسلوكيّة. تعليم الأطفال الاستثنائيين، 36(2)، 8- 13