
الذكاء العاطفي (الجزء الثالث)
هل ندمتَ يومًا على التصرّف قبل التفكير؟ بالتأكيد لقد ندمتُ أنا
لا شكّ أنّ التعليم يضغط على عواطفنا. إنّ الإشراف على مجموعة من التلامذة الذين يواجه معظمُهم تحديات سلوكيّة، وذلك طوال اليوم وخمسة أيّام في الأسبوع، قد يجعل وظيفة المعلّم مهمّةً صعبة
كلّ من يعمل في هذا المجال يُتوقَّع منه أن يبقى هادئًا ومسيطرًا على نفسه ومشاعره حتى في الحالات الموتّرة. إنّه هدف نسعى جميعنا إلى تحقيقه ولكن لا بدّ من أن أكون صريحًا وأقول إنّني لا أنجح دائمًا في فعل ذلك ولا سيّما في نهاية إحدى الأيام العصيبة هذه في الصفّ، عندما يُفقدني التلامذة ذوو الصعوبات أعصابي. لستُ فخورًا بهذه الأوقات!
ما هو التنظيم الذاتي؟
التنظيم الذاتي هو قدرة المرء على السيطرة على مشاعره ورغباته كما يُعبَّر عنها من خلال سلوكيّاته. إنّه يتضمّن القدرة على إبقاء العواطف الهدّامة والمندفعة مضبوطةً وأيضًا القدرة على التفكير قبل التصرّف. في الصفّ، يُساعد التنظيم الذاتي على الحفاظ على السيطرة في أثناء المواقف الضاغطة.
لماذا يُعدّ التنظيم الذاتي مهمًّا للمعلّمين؟
بوسع المعلّم/معلّمة الذي ينظّم ذاته أن يتحكّم في الطريقة التي يُبدي بها ردّة فعله/فعلها. إنّنا نتصرّف بأفضل شكلٍ ممكن عندما نعرف كيف ننظّم ذواتنا. كلّما تمرنّا على التفكير والتصرّف بإيجابيّة، تمكّنّا بشكلٍ أفضل من إنشاء بيئة تعلّم إيجابيّة لتلامذتنا.
وكمعلّمين، غالبًا ما نواجه مواقف نشعر فيها بالغضب والإحباط وحتّى الاشمئزاز. فلنتخلّص من هذه المشاعر السلبيّة وننشئ بيئات تعلّميّة داعمة وخالية من التأثيرات المدمّرة
كيف يمكننا أن نحسّن التنظيم الذاتي؟
خلال هذه الأوقات التي لم يسبق لها مثيل، هل تشعر/تشعرين بالتوتر؟ جرّب/جرّبي الأساليب الثلاثة التالية لتنمية مهارات التنظيم الذاتي
- راقب/راقبي كيفيّة شعورك. حاول/حاولي أن تفهم لماذا تعتريك هذه المشاعر ولا تدعها تتحكم بك. عندما تظهر مشاعر إيجابية أو سلبية شديدة، لا تصيح أو تصرخ أو تبكي أو تقول أشياء قد تسبّب الأذى لتلامذتك أو تضرّ بهويتك المهنية. كن/كوني حازمًا مع التلامذة عند الضرورة، واحرص على تجنب استخدام نبرة صوت غاضبة. فيؤدي ذلك فقط إلى تصعيد الخلافات مع التلامذة، ويجعلك تشعر بالتوتر أو الإنهاك.
- جهّز/جهّزي نفسك. احتفظ ببعض الملاحظات الدقيقة حول احتياجات كلّ تلميذ العاطفيّة والجسديّة والمعرفيّة. توقّع ما قد يحصل وقرّر مسبقًا ما يمكن فعله في هذه الحال. ندعو هذا التمرين “مواجهة المشكلة بشكل استباقي”. لا تنتظر ظهور المشاكل بل فكّر في تلامذتك وكيف يمكن أن يسلكوا، وحضّر نفسك للتعامل مع هذه المواقف.
- تابع/تابعي التأمّل. فكّر بانتظام في المحفزات المثيرة للعواطف والتي تظهر في صفّك. وعلى هذا الأساس، وثّق كيف تجاوبت مع كلّ تلميذ. وعند التفكير، انتبه إلى المشاعر التي اعترتك في موقفٍ معيّن، وفكّر كيف يمكنك أن تطوّر استراتيجيّة تعليم أكثر فعاليّة.
العواطف أساسيّة بالنسبة إلى هويّتنا كمعلّمين. لكن، عندما لا نتحكّم بها ونديرها كما يجب، يمكن أن تعرقل بيئة التعلّم.
ماذا يحدث عندما ينظّم المعلّمون ذواتهم؟
عندما يتعلّم المعلّمون تمييز عواطفهم في الصفّ والتجاوب معها، يُظهرون للتلامذة كيفيّة الانخراط في هذه العمليّة بأنفسهم. وكما تشير ليندا دارلينغ- هاموند (2019)، إنّ القدرة على تعليم الأطفال كيفية إدارة مشاعرهم هي سبيلٌ مهمٌّ للتعلّم الفكري. إذا كنت غير قادر على إدارة مشاعرك، فسيكون صعبًا فتحُ ذهنك لاستقبال المحتوى الذي تحاول أن تتعلّمه.
وكوننا نتعلّم من خلال مشاهدة الآخرين، عندما نُظهر للتلامذة كيف نميّز عواطفنا ونتعامل معها بطرق مثمرة، سيتعلّمون هم بدورهم كيفيّة التحكّم بمشاعرهم الخاصّة.
بناءً على ما سبق، تتبقّى لنا ثلاث مميّزات خاصّة بالذكاء العاطفي وهي: التحفيز، والتعاطف، وإدارة العلاقات. ترقّبوا منشور المدوّنة التالي حيث سنشارك كيفيّة استخدام إحدى خصائص الذكاء العاطفي وهي التحفيز لتعزيز ممارساتنا التعليميّة وخدمة تلامذتنا من خلال إنشاء بيئة التعلّم المثلى.
هل يُعدّ الوعي الذاتي والتنظيم الذاتي جزءًا لا يتجزأ من خططك التعليميّة؟
التنظيم الذاتي هو دليل على النجاح أكثر من الذكاء أو الموهبة. لورانس د. شتاينبرغ
المراجع باللغة الانكليزية
Darling-Hammond, L. (2019). Teaching self-regulation by modeling. Retrieved from Edutopia https://www.edutopia.org/video/teaching-self-regulation-modeling
13