
لقد بدأ اهتمامي بموضوع الصلابة في أثناء عملي كمعالجة تحليل السلوك التطبيقي مع طفل مصاب باضطراب طيف التوحد. أظهر هذا الطفل صلابة في السلوك الغذائي من حيث تناول قطع صغيرة ورفض تناول أطعمة معيّنة. وفي أثناء العمل على معالجة سلوكه الغذائي، لاحظت أنّ هذا الطفل أصرّ على أن يكون الأوّل في كلّ شيء، مثلاً أوّل من يركب الحافلة، وأوّل من يغادر المدرسة، وأوّل من يجيب عن السؤال، وما إلى ذلك. وإنّ عدم القيام بالأمور بطريقته الخاصّة سيؤدي إلى حدوث نوبة غضب مثل الصراخ ورمي الأشياء على الأرض.
وبعد العمل مع العديد من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على مرّ السنين، شاهدتُ العديد من السلوكيات الصارمة المتفاوتة من حيث الشدة. أبلغ بعضُ الآباء عن عدم قدرتهم على أخذ إجازات بسبب جميع التغييرات التي ترافق السفر. وأخبر آخرون أنّ أطفالهم أظهروا عدة سلوكيات إشكالية (مثل الصراخ، وعضّ أيديهم، وما إلى ذلك) لأنّ الطريق المعتاد إلى المدرسة كان مقطوعًا ذات يوم، ما أجبرهم على سلوك طريق بديل.
إلى جميع الأمهات المرهقات، إليكنّ اقتراحاتي. ضعن في الحسبان أنّ الاستراتيجيات التالية نجحت بشكلٍ عام في عملي كمعالجة. يختلف كلُّ طفل عن الآخر، ويحتاج بعضُ الأطفال إلى مساعدة متخصّصة من معالج تحليل السلوك التطبيقي.
- تبديل الأمور. إذا أصرّ طفلٌ ما على الجلوس على كرسي معيّن، اطلب/اطلبي منه الجلوس على كرسي آخر. وإذا أظهرَ تذمّرًا ورفضًا للجلوس، حاول/حاولي التدخل تدريجيًا. اطلب/اطلبي منه الجلوس على كرسي أقلّ تفضيلًا لفترة قصيرة من الوقت قبل السماح له بالجلوس على الكرسي المفضل لفترة أطول. ويمكن تقليل الوقت الذي يقضيه على الكرسي المفضل تدريجيًا وزيادة الوقت الذي يقضيه على الكراسي الأخرى. ينطبق الأمر نفسه على ترتيب عرض المواد التي تعمل/تعملين عليها. يمكنك أن تبدأ/تبدئي بتدريبٍ على أحرف الجرّ ثمّ بتدريب على التنظيم العاطفي. يمكنك تبديل ترتيب الأنشطة ذات الصلة في اليوم التالي. ويمكنك أيضًا أن تقاطع/تقاطعي مهما كان ما يفعله الأولاد وتطلب/تطلبي منهم اتّباع تعليمات مختلفة. الهدف هو تغيير الأمور وتفضيل القيام بالأشياء بطرق مختلفة
- تطوير مهارات التواصل العمليّة. علّم الأطفال أن يقولوا “طريقتي الخاصّة” عندما يريدون فعل الأشياء بطريقة معينة. وهنا نرى عادةً الأطفال ذوي طيف التوحّد يصفّون الألعاب ويتعاملون مع المواد بطريقة مميزة ومحدّدة. لمساعدة الأطفال على فهم أنهم بحاجة إلى التحلّي بالمرونة وأنّه ليس عليهم القيام بالأشياء بطريقتهم الخاصّة دائمًا، يمكنك استخدام بطاقة خضراء توضَع أمامهم للإشارة إلى متى يمكنهم القيام بالأشياء بطريقتهم. وعلى العكس، تشير البطاقة الحمراء إلى أنه ينبغي لهم اتباع طريقة الأشخاص الأكبر سنًّا. أوصي بالبدء بنشاط أقلّ تفضيلاً قبل الانتقال تدريجيًّا إلى الأنشطة أو الألعاب المفضلة لديهم. ذلك لأنه لما نبدأ بأنشطة تأثيرها أقل تحفيزًا للطفل، يكون أقلّ صلابة بشأن التغيير
- استخدام جدول زمني مرئي. يجب منح الأطفال سيطرةً في بعض الحالات ومنحهن سيطرة أقل في حالات أخرى. على سبيل المثال، حضّر/حضّري صورًا تشير إلى الروتين الصباحي الخاصّ بأطفالك وضعها/ضعيها بالترتيب حتى يتمكنوا من اتّباع هذا الروتين وإكماله بشكل مستقل. مثلاً قد يكون الروتين على الشكل التالي: استخدام الحمّام، ثمّ غسل اليدين والوجه، يليه تنظيف الأسنان، ثمّ ارتداء الملابس، وبعد ذلك تناول وجبة الفطور في المطبخ. سيساعد هذا الإجراء الأطفالَ على إكمال الروتين من دون أن يضطر أحدُ الوالدَين إلى استخدام الإشارات اللفظية. وعلى أمل أن يساعد استخدامُ الجدول الزمني المرئي في زيادة شعور الفرد بالاستقلالية
- يمكن للّوحات الرمزية لتعزيز السلوك أن تساعد الطفلَ على استيعاب التأخير أو قبول الأشياء التي يُقامُ بها بشكل مختلف. عادةً أسأل أحدَ الوالدَين: “ماذا يحب طفلك؟” واستخدم الصور المتعلّقة بهذا الاهتمام الخاصّ على اللوحة الرمزية لتعزيز السلوك. مثلاً، في أثناء العمل مع طفل يحبّ مشاهدة فيلم قرّرتُ استخدام شخصيّات على اللوح. وبعد جمع عدد محدّد من هذه الرموز، يمكن للطفل أن يحصل على نشاط أو لعبة مفضلة من اختياره. كونوا مبدعين واتبعوا اهتمامات الطفل
- كيسٌ من المعزِّزات المفاجئة يمكن أن يكون مفيدًا. انتبهوا إلى ملمس الكيس نظرًا إلى أنّ بعض الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحّد لديهم تفضيلات حسّية. على سبيل المثال، كان أحدُ الأطفال الذين عملت معهم يحب الملمس المخملي. فبناءً على تفضيل هذا الطفل، استخدمتُ الأكياس المخملية حيث وضعت العديد من الأغراض المفضلة لديه. وطلبتُ من الطفل أن يضع يده في الكيس لاختيار المعزّز. لم أسمح له باختلاس النظر ولا باختيار لعبة مختلفة. فسيحصل على ما يختاره حتى المحاولة التالية.
الجامعة 3: 1 ” لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ
الصلابة هي حجر أساس في اضطراب طيف التوحد ويمكن أن تعرقل الدمج الاجتماعي والتعليمي والمجتمعي. وقد ترتبط الصلابة أيضًا بالسلوكيات الإشكالية. ونظرًا لأهميتها وأهميّة انعكاساتها السلبية المحتملة، كلّما عالجناها مبكرًا كان التحسّن في السلوك المقبول اجتماعيًا أسرع. لا تنسَ/تنسي أن الطفل الذي يظهر سلوكيات إشكالية يكون التعاملُ معه من الناحية الجسديّة عادةً أسهل من التعامل مع شخص بالغ. لذا ابدأ/ ابدئي مبكرًا!
أودّ أن أشكر بصدق جينيفر شبلي، محلّلة سلوك مُعتمدة، على رؤيتها النقدية ودعمها الثابت. إنّ العملَ معك يجعل المهمة الصعبة تبدو سهلة